رواياتقصص قصيرة

روايه بعنوان رفقا بالقوارير

روايات وقصص ذات معنى

احداث القصة

رفقا بالقوارير

منذ أربعة عشر عامًا، تعاقدت في رحاب الزواج مع زوجتي، وبفضل الله، أصبح لدي الآن أولاد وبنات يزيدون حياتي بهجة وسعادة. أنا القائد الفخور لمستشفى كبير، حيث أسهر على تقديم الرعاية الصحية المتميزة للمرضى. من ناحية أخرى، زوجتي، بطلة المنزل والقلب النابض للأسرة، تمتلك شهادة ثانوية عامة وتعيش حياتها بكل سعادة وراحة، بعيدًا عن الضغوطات المهنية.

أما أنا، فأنا أحمل روح التفوق والتميز في كل جانب من جوانب حياتي. أنا القائد، الرجل الذي يقود الأسرة والعمل ببراعة. يطغى على علاقتي بزوجتي حب الريادة، فلا أحبذ أن تكون هي الأفضل في شيء ما. إذا كانت تظهر براعة أو تميزًا في شيء ما، فأنا أحاول تقليل من شأنه وأبرز نقاط الضعف فيه، وأثبت أنها تفتقر إلى الخبرة في فنون الحياة.

أعتبرها زوجة عادية جدًا، لكنني أعتقد أنها ممتنة لي على نحو لا يقاس، لأنني اخترتها لتكون شريكة حياتي رغم مستواها الأكاديمي المتواضع.تجري الحياة بيني وبين زوجتي بطابع من البرودة والجفاف، كما لو كانت مجرد سطح جليدي نحتاج لتجاوزه دومًا. لا أمنحها القيمة التي يمكن أن تستحقها، بل أعاملها كإضافة هامشية في لوحة حياتي الكبيرة، كشيء ضعيف يحتاج إلى تدعيم أو حتى تغيير.

 اقرأ ايضا :قصة الرجل الغنى

رغم أنها تشاركني في تكوين الحياة الأسرية، إلا أنني أراها كعنصر غير متناسق مع بقية عناصر حياتي. في الحقيقة، أشعر أنها لا تمتلك القدرة على مواكبة الطموحات التي أحملها، سواء من الناحية الفكرية أو المادية أو العلمية.

ستكون هناك حاجة للتغيير في الوقت المناسب، فكما يقول المثل، “لا يمكن للبحر أن يغير مسار السفينة إلا إذا كانت السفينة نفسها مستعدة للتغيير”. بالنسبة لي، أعتبر أن حياتي هي السفينة الجامحـ،،،ـة التي تحتاج إلى تغيير في مسارها، وربما يكون هذا التغيير هو زوجتي.على مر السنين، أصبحت مشاكلنا الزوجية كالنبض القلب، دائمة ومستمرة. وكان دور زوجتي، التي تحمل مسـ،،توى ثانوي، هو الخضوع والتنازل في معظم الأحيان، وذلك بفضل الضغط الذي كنت أمارسه عليها. كنت أجبرها على الاعتراف بأنني الأفضل، الأقوى، الأكثر قدرة على التعامل مع التحديات.

ومع ذلك، كانت هناك شعلة من الغيرة تضيء داخلي. رغم مستواها الثانوي، كانت زوجتي تستحـ،،،،وذ على إعجاب الجميع بشخصيتها الراقية والكلمـ،،ات الذكية التي تتدلى من لسانها. حتى أفراد عائلتي، بما في ذلك أهلي وإخواني، كانوا يتأثرون بأسلوبها الجذاب في الحديث

 والإقناع، وكانوا يستعينون بها للحصول على النصـ،،،،ائح.

توالت المشاكل وتراكمت، مثل الثلوووج على الجبل، حتى وصلت إلى نقطة الانفجااار. في أحد الأيام البارDة، كانت العائلة مجتمعة في منزلنا، بينما كنا نتشارك الأخبار والقصص، لم أدرك حينها أن الأمور كانت على وشك اتخا@ذ منحنى حادًا.كانت الأجواء مليئة بالحديث والنقاش حول مجموعة متنوعة من المواضيع. كلمات زوجتي الرائعة والمتـ،،،ألقة كانت تلفت انتباه الجـ،،،ميع، وهذا كان يثير غــ،،،يرتي ويهيج شعوري بالاســـ،،،،تياء.

في ذروة غضبي المتص،،،،اعد، وكأنه بركان على وشك الثوران، فقدت السيطرة على نفسي وبدأت أصرخ على زوجتي أمام الجميع.

“أنتِ لا تعرفين شيئًا، أنتِ فقط قمـ،،،،امة. هذه الكلمات الرائعة التي يُعجبون بها لا تعني شيئًا بالنسبة لي. ينبغي لكِ أن تشكري الله لأنني تزوجتك.” هذه كانت كلماتي القاسية والمؤلمة التي أطلقتها في وجهها. رغم محاولات والدتي لتهدئتي، لم أكن أستمع إلى أي شيء، بل كنت أصبح أكثر قسوة في كلامي.

 اقرأ ايضا روايه المراه والماكينه الخياطه السحرية

كنت أتوقع أن تنـ،،،،هار زوجتي بعد هذا الهجوم، كنت أتوقع أن تظهر على وجهها علامات الحزن والإنكسار، ولكن، للأسف، رغم قسوة كلامي، لم تبدي أي ردة فعل. كانت تقف هناك بصمت، كما لو كانت تحتسب الأجر ومع ذلك، لم تتحطم زوجتي أو تنـ،،،هار. بدلًا من ذلك، نهضت بهدوء وكرامة، شكرت أهلي على حسن الضيافة، وخرجت من المنزل وحدها، متركةً أطفالها خلفها.

ردة فعلها الهادئة والمتزنة أثارت دهشتي. لم تكن هذه ردة الفعل المعتادة التي كنت أتوقعها منها، وهذا كان يثير القلق في قلبي. ولكن، بدلًا من أن يهدأ غضبي، كان يتصاعد بداخلي مثل الحمم البركانية.

قررت العودة إلى المنزل لمواجهتها، لكن عندما وصلت، كانت الغرفة فارغة. بحثت في كل مكان، في كل غرفة وزاوية، لكنها لم تكن هناك. حاولت الاتصال بها عدة مرات، لكن الخط كان مغلقًا. زاد غضبي، فقررت الذهاب إلى أهلها ليوبخوها، متوقعًا أن يكونوا سيدعمونني ويتفهمون موقفي.عند وصولي إلى منزل أهلها، كان والدها يقف هناك، كما لو كان ينتظرني. وقفت السيارة ونزلت منها، غضبي يغلي في داخلي مثل البركان. ولكن قبل أن

 أتمكن من النطق بكلمة، قال لي: “أسكت ولا تتكلم.” بصوت هادئ ولكنه حازم.

أعلن لي بكل بساطة أن زوجتي لم تعد تعوD لي، وأنها ستبقى في منزل أهلها. بعد تلك الكلمات المدمرة، دخل البيت وأغلق الباب بقوة في وجهي. بقيت هناك، مصدوم، لا أستطيع تصديق ما حصل.

ومع ذلك، قلت لنفسي بثقة: “لا بأس، أعرف أنها تحب أطفالها بجنون، لذا سأجعلها تشتاق إليهم حتى تعود وتقبل قدمي.” عدت إلى المنزل وانتظرت. انتظرت يومًا، ثم يومين، ثم شهرًا، ثم شهرين، أربعة أشهر، ستة أشهر… ولم يسأل أحد عنها.

في النهاية، بدأ الفضول يتسلل إلى قلبي، يتساءل عن ما حدث لها، عن مكانها، عن حالتها، عن ما إذا كانت تفكر في العودة أو لا. قررت البحث عنها، لأجد الإجابة على هذه الأسئلة التي تؤرقني.أثارت قلقي أكثر عندما أخبرتني أختي أنها حاولت الاتصال بزوجتي، لكن هاتفها كان مغلقًا. أتساءل، أين هي؟ كيف تستطيع أن تتخلى عن أطفالها بهذه السهولة؟ أطفالي الذين ينظرون إلي بأعين مليئة بالحزن والشوق، يتساءلون عن متى ستعود أمهم.

 اقرأ ايضا قصة المنزل الملعون

قررت الذهاب مرة أخرى إلى منزل أهلها، وهذه المرة، كان شقيقها الأصغر هو الذي فتح الباب. نظر إلي بعيون باردة، لم يجب على سؤالي، ودخل البيت وأغلق الباب في وجهي. حاولـ،،،ت الاتصال بوالدها، لكن الرد كان مجرد صمت، ثم أغلق الهاتف. تزايدت حيرتي، كيف يمكنني العثور على زوجتي؟ ماذا حدث لها؟

في نهاية المطاف، قررت الاتصال بشقيقها الأكبر، الذي كان يبدو أكثر استعدادًا للتـ،،،،حدث. عندما رد، سألني بصوت هادئ: “ما الذي تريده؟” أجبت بثقة، “أريد أن أعرف ما حدث لوالدة أطفالي”.وافق شقيقها الأكبر على مقابلتي في منزله بعد الغروب. بينما كانت الشمس تغرب والظلام يغلف السماء، كنت أنتظر بشوق الموعد المحدد. عندما وصل الوقت، توجهت نحو منزله، وبينما كان يفتح الباب لي، لم يكن هناك شعور بالراحة يملأ قلبي. هناك كان شيئًا في وجهه يجعلني أشعر بالقلق.

أوضحت له الوضع، المحاولات العديدة للاتصال بزوجتي، الصمت الذي استقبلني من جانب أفراد عائلتها. عندما سألني: “ماذا تريد الآن؟” كان ردّي واضحًا وثابتًا، “أريد إعادتها إلى المنزل”. أردت

 أن أعيد الأمور إلى طبيعتها، أردت أن أعيد زوجتي إلى البيت، إلى أطفالها الذين يحتاجون إليها بشدة.”تعال معي،” قال لي، بكلمات بسيطة ولكنها محملة بالجدية. دلني على الطريق وتوجهنا إلى المستشفى. لم يكن هناك حديث في الطريق، فقط صمت عميق يملأ الفراغ بيننا.

“ما الذي يحدث؟” سألته، لكن كل ما قاله كان: “سترى بنفسك.” لم يكن هناك مجال للمناقشة، فقط الانتظار لما ستكشفه اللحظات القادمة.

عندما دخلنا الغرفة، ضربتنــي الصدمة بقوة. المشهد أمامي كان مروعًا بشكل لا يمــكن وصفه، وأنا أعجز عن التعبير عن الرعب الذي أحسسته. خرجت من الغرفة، والدموع تتدفق من عيني بلا توقف.

“هل لديك المزيد من الكلمات المؤلمة التي نسيت أن تقولها؟” سخر شقيقها، وأنا وسط دموعي، سألته عن حالتها وما حدث لها.

رد علي بكلمات ثقيلة، “بعد أن غادرت منزلك، جاءت إلى منزل والدي وهي تبكي وتصرخ بأنك قتلتها بكلامك.” كلماته طعنت في قلبي كسيـ،،ف حاد، فكلماتي كانت السبب في ألمها.”أصبحت حالتها سيئة جدًا، لذا قررنا نقلها إلى المستشفى.” تقدمنا بسرعة نحو الهـــاوية، حيث حالتها تتدهور يومًا بعد يوم. بعد سلسلة من الاختبارات والفحوصات الطبية، ألقى التشخيص المروع بظلاله على الجميع: كانت تعانــي من السرطان.

 

الأمر المثير للدهشة كان أن الأطباء كشفوا أن السرطان كان في مراحله الأولى، ولكنه انتشر بسرعة هائلة وسيطر على جسدها بشكل كامل. منذ خمسة أشهر، كانت تتعامل مع هذا المرض الذي زاد سوءًا بكل يوم يمر، حتى أصبح العلاج الكيميائي غير قادر على مساعدتها.

وأنا أبكي وأنا أتأمل في الألم الذي تعانيه زوجتي، انصرف شقيقها لبضع دقائق ثم عاد إليّ، وقال لي…”حسبي الله عليك،” بدأ، “لقد قتلت زهرة، أختي، وأعدمتها أثناء حياتها.” كانت الكلمات صعبة، ولكنها لم تكن أصعب من الحقيقة التي كنت أعيشها. “كانت الغيرة هي السبب في حقدي عليها. كانت دائمًا تتفوق علي، والآن هي على حافة المووت بسببي.”

قالها بصوت هامس، لكن الألم في عينيه كان واضحًا. “أتمنى أن تسامحني، فأنا نادم بشدة.” لم تكن كلماته عذرًا، بل كانت اعترافًا بالندم والألم الذي يشعر به.

كنت أعجز عن الرد، ولكن كلماته الأخيرة

رنت في أذني. “رفقًا بالقوارير.” كانت تذكرة بأن بالرغم من كل ما حدث، كانت زهرة ضعيفة وهشة، تحتاج إلى العناية والحب، وليس الكلام القاسي الذي ألقيته عليها.بعد ذلك اليوم، تغيرت حياتنا بشكل لا يمكن تصوره. واجهتنا الحقيقة المرة بكل قوتها ولكننا استمررنا في الكفاح. زهرة، على الرغم من المعاناة التي تعيشها، كانت قوية. حاربت السرطان بكل ما لديها من قوة وشجاعة.

ومع الأيام، بدأت زهرة في التحسن، وكأن الندم والتعاطف الذي عبرنا عنه كان له تأثير على صحتها. قد يكون هذا مجرد وهم، ولكننا اخترنا تصديقه.

وبعد أشهر قاسية، كانت زهرة قد تعافت. لم يكن الطريق سهلًا، ولكنها كانت قوية بما يكفي لتجاوزه. وببساطة، أصبحنا أقرب من أي وقت مضى. كلمات الألم والغيرة التي كانت تسيطر على حياتنا، تحولت إلى حب وتقدير.

 منقول ……

لا يمكننا أن نعود بالزمن لتغيير الأمور، ولكننا نستطيع أن نتعلم من أخطائنا ونحاول أن نكون أفضل.

ان انتهيتم من القراءه صلوا على سيدمنا محمد صلى الله عليه وسلم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى